إذا استطعت أن تصليها كل يوم مرة ؛ فافعل ، فإن لم تفعل ؛ ففي كل جمعة مرة ، فإن لم تفعل ؛ ففي كل شهر مرة ، فإن لم تفعل ؛ ففي كل سنة مرة ، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة.
[ من الصلوات المشروعة صلاة التسبيح، وهي التالية في حديث ابن عباس:
عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: (( يا عباس! يا عماه! ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك؟ عشر خصال ، إذا أنت فعلت ذلك ؛ غفر الله لك ذنبك ؛ أوله وآخره ، قديمه وحديثه ، خطأه وعمده ، صغيره وكبيره سره وعلانيته ؛ عشر خصال : أن تصلي أربع ركعات ؛ تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة. فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة و أنت قائم ؛ قلت : سبحان الله ، والحمد لله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر ؛ خمس عشرة مرة.
ثم تركع، فتقولها وأنت راكع عشراً. ثم ترفع رأسك من الركوع ، فتقولها عشراً. ثم تهوي ساجداً ، فتقولها وأنت ساجد عشراً.
ثم ترفع رأسك من السجود ، فتقولها عشراً . ثم تسجد ، فتقولها عشراً . ثم ترفع رأسك ، فتقولها عشراً.
فذلك خمس وسبعون في كل ركعة ، تفعل ذلك في أربع ركعات ، إذا استطعت أن تصليها كل يوم مرة ؛ فافعل ، فإن لم تفعل ؛ ففي كل جمعة مرة ، فإن لم تفعل ؛ ففي كل شهر مرة ، فإن لم تفعل ؛ ففي كل سنة مرة ، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة )).[ صحيح ، المشكاة ( 1328 ) ، التعليق الرغيب ( 1 / 237 - 238 ) ، التعليق على صحيح ابن خزيمة ( 1216 ) ، صحيح أبي داود ( 1173 )].
فوائد تتعلق بحديث صلاة التسبيح:
الأولى: الخطاب في هذا الحديث موجه للعباس، وحكمه عام لكل المسلمين؛ إذ الأصل في خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم العموم لا الخصوص.
الثانية : قوله في الحديث :(( غفر الله لك ذنبك ؛ أوله وآخره ، قديمه وحديثه ، خطأه وعمده ، صغيره وكبيره ، سره وعلانيته ؛ عشر خصال )).
إن قيل : قوله : " خطأه وعمده " ، والخطأ لا إثم فيه؛ قال تعالى :{ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} ؛ فكيف يجعل من جملة الذنب ؟
والجواب: إن الخطأ فيه نقص وقصور، و إن لم يكن فيه إثم؛ فهذه الصلاة لها هذا الأثر المذكور.
الثالثة : قال في "التنقيح لما جاء في صلاة التسبيح" : "واعلم رحمك الله أن مثل هذه الأحاديث التي تحث على أعمال متضمنة لغفران الذنوب ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها فيطلق لنفسه العنان في مقارفة الذنوب والآثام ، ويظن هذا المسكين أنه قد عمل عملاً ضمن به غفران ذنوبه كلها ، وهذه غاية الحمق والجهل ، فما يدريك - أيها المخدوع! - أن الله قد تقبل عملك هذا ، وبالتالي غفر ذنوبك ، والله عز وجل يقول : {إنما يتقبل الله من المتقين} [المائدة : 27] ؟!
فتنبه لهذا واحذر ، واعلم أن مداخل الشيطان على الإنسان كثيرة ؛ فإياك إياك أن يدخل عليك من هذا الباب !!
وقد وصف الله عباده المؤمنين بأنهم يعملون الصالحات ، ويجتهدون في الطاعات ، ومع ذلك ؛ فقلوبهم وجلة خائفة أن ترد عليهم أعمالهم ، وتضرب في وجوههم ، قال تعالى : {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون. أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون: 60-61].
وهذا الذي حكيناه في تفسير هذه الآية ما عليه جمهور المفسرين …
وذكر القرطبي في "الجامع" (12/132) عن الحسن ؛ أنه قال :" لقد أدركنا أقواماً كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها". اهـ.
واعلم أن الذنوب المتعلقة بحقوق الآدميين لا يشملها الحديث ، بل يجب إرجاع الحقوق إلى أهلها، والتوبة النصوح من ذلك " . اهـ.
الرابعة : لم يرد ما يقبل في تعيين ما يقرأ به في الركعات ، ولا في تعيين وقتها.
الخامسة : الظاهر أن هذه الأذكار التي تقال عشراً عشراً إنما تقال بعد الذكر المعين في كل محل ؛ ففي الركوع بعد أذكار الركوع يقولها عشراً ، وبعد قول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد والرفع من الركوع يقولها عشراً … وهكذا في كل محل .
السادسة : إذا سها في الصلاة ، ثم سجد سجدتي السهو ؛ فإنه لا يسبح فيها عشراً كسائر سجدات الصلاة .
أخرج الترمذي (2/350) عن عبد العزيز بن أبي رزمة ، قال : قلت لعبد الله بن المبارك : إن سها فيها ؛ يسبح في سجدتي السهو عشراً عشراً ؟ قال : " لا ؛ إنما هي ثلاثة مئة تسبيحة" . اهـ].[ بغية المتطوع في صلاة التطوع - محمد بن عمر بن سالم بازمول].