تامر غوشة كتب:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الاونة الاخيرة ظهر اناس كثيرون منهم الضال والمبتدع وصاحب الافكار الغريبة العجيبة فلقد سمعت من احد المبتدعة أن الخلاف في المسائل الفقهية قد ضيع الامة وانها كتب فلسفة لا اكثر وقد استشهد بقوله ان احاديث الاضحية التي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلة جدا فكيف يؤلف كتابا عن الاضحية باكثر من مئتين صفحة وقد استشهد ايضا بقصة عمر رضي الله عنه في الخلاف الذي وقع مع ابن مسعود وصحابي آخر ولم اتمكن من تعليق اهل العلم عليها وبان عمر هدد بقطع لسان من يختلف في مسالة بعد اليوم وناهيك عن الاستخفاف باهل العلم
والله الهادي الى سواء السبيل
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
في الاونة الاخيرة ظهر اناس كثيرون منهم الضال والمبتدع وصاحب الافكار الغريبة العجيبة
هذه سنة الله جل وعلا في خلقه ..
أن أهل البدع يبرز قرنهم و يطلع رأسهم ..
كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في غيرما حديث ..
فلا تحزن ولا تنزعج ...
فلقد سمعت من احد المبتدعة أن الخلاف في المسائل الفقهية قد ضيع الامة وانها كتب فلسفة لا اكثر وقد استشهد بقوله ان احاديث الاضحية التي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلة جدا فكيف يؤلف كتابا عن الاضحية باكثر من مئتين صفحة
هذا مسكين ..
لا يعرف أن العلماء ألفوا كتب في حديث واحد فقط !!
حديث ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) !! ألف فيه كتاب كامل !! و شرحه الحافظ ابن حجر شرحاً طويلاً ..
و غيره كثير جداً من الأمثلة .. الحافظ ابن رجب الحنبلي صنف كتباً كاملة في شرح حديث واحد فقط ...!
فما الذي يضر إنه يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث محدده و يؤلف في حكم هذه المسألة كتاب ضخم ؟!
هذا المسكين لا يعرف الفرق بين الفلسلفة و الفقه ..
لا يعرف أن الحكم يستنبط - أيضاً - من الاحاديث التي لا تدل دلالة مباشرة على الحكم ..
لا يعرف أن لاستنباط الحكم قواعد و أصول درج عليها العلماء سلفاً و خلفاً ..
هذا المسكين .. أعطه القرآن و صحيح البخاري !! وقل له .. تعال أيها المتحذلق و أرني ( مناسك الحج ) ! مثلاً !!
هل عقله يستطيع أن يستنبط الحكم الشرعي دون الرجوع إلى كتب الفقهاء ..! ليعرف الناسخ من المنسوخ العام من الخاص المقيد من المطلق الواجب من المستحب ... الخ الخ !!
إذا بلغ هذه المرتبة !! فهو ما شاء الله تبارك الرحمن - فريد عصره و وحيد زمانه - !!
لو أنه يعرف مبادئ العلم !! لما شبه كتب الفقهاء بالفلسلفة !! هذا مسكين يضيع نفسه ..
أقول لك .. نعم تجد أحياناً جمل معقدة لأن بعض الفقهاء دخل عليهم أسلوب - علم الكلام أو المنطق - و البعض الآخر اشتغل - بالأرئيات - .. و بالنظريات ..
ولكن أغلب كتب الفقه سهلة و ميسرة يعرف الاستفاده منها طلاب العلم .. ويعرفون قدرها ..
أما مثل هذا الذي تتحدث عنه - و أنا أعرف عمن تتحدث !! - مثل هذا لا يحسن قراءة تلك الكتب ! لأجل ذلك لا يعرف قدرها ...
وقد استشهد ايضا بقصة عمر رضي الله عنه في الخلاف الذي وقع مع ابن مسعود وصحابي آخر ولم اتمكن من تعليق اهل العلم عليها وبان عمر هدد بقطع لسان من يختلف في مسالة بعد اليوم
أولاً : علينا أن نعرف هذه القصة صحيحة ولا لأ ...!
ثانياً : هذه حال أهل البدع !! يتركون النصوص المحكمة و يتبعون المتشابه ليضربوا دين الناس !!
ثالثاً : ليس في القصة ما يريده ذاك الرجل ...!
كل ما في القصة أنه الإختلاف مذموم و أنه لا بد من حسم مادته ... وهذا حق بلا شك ولا ريب !!
أن الإختلاف شر !! كما قال ابن عمر ( إن الخلاف كله شر ) !!
ولكن !! أي خلاف ؟! و أي اختلاف ؟؟
لأن ذاك الرجل !! - لا يفقه !! ولا يحسن الفقه !! - لا يعرف أن هنالك فرقاً كبيراً بين ( الخلاف المذموم ) و ( الخلاف المستساغ ) !!
الخلاف المستساغ يستدل له ما روي في الصحيين لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الصلاة في بني قريظه !! فكل فريق من الصحابة فقه هذا الحديث حسب الأصول التي عنده !! و النبي صلى الله عليه وسلم أقر الفريقين !! مع أنهما مختلفان !!!!
الخلاف المذموم : مثله مثل الذي نهى عنه عمر رضي الله عنه و أرضاه ..و هذا لا يقبل به أي عاقل اذ ان هذا الخلاف يكون مبني على الهوى أو على رد الأدلة أو على تعطيلها أو على العقل بدون أدله !! في مقابل النص الشرعي الواضح ..
الخلاف واقع في الامة و أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ..
و ليأتي هذا - المتحذلق - و ليتحفنا بمنهج !! علمي !! منطقي !! شرعي !! يقضي على هذا الإختلاف الحاصل في الامة مفتكاً إياها جاعلها شذر مذر ...!
أنا أقول .. أن القضاء على الخلاف المذموم ( الغير مستساغ ) !! يكون بالرجوع إلى الكتاب و السنة بفهم سلف الأمة
و الأمر كما قال الإمام الأصبهاني - رحمه الله - : " وكان السبب في اتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل ، فأورثهم الاتفاق والائتلاف ، وأهل البدعة أخذوا الدين من المعقولات والآراء فأورثهم الافتراق والاختلاف " الحجة في بيان المحجة للأصبهاني 2/226 .
أما في الفقه فإن هذا سهل يسير بتكثسف الجهود حول دراسة الفقه المقارن الذي يقوم على دراسة أقوال الفقهاء و سبر أدلتهم ثم الترجيح حسبما يقتضي النص و الدليل
وناهيك عن الاستخفاف باهل العلم
هذه لوحدها زندقة !!
و هذه سقوط لا يحتاج إلى رد !! - عامله الله بعدله ما أوقحه - !
أما ما قاله أخي أبو مصطفى :
فالخلاف واجب حتى نتمكن من اخذ الدليل الاصح
والخلاف هو رحمة للامة
فليس صواباً بحال من الأحوال !!
أولاً : الخلاف محرم فكيف يقال أنه واجب ؟!!
قال تعالى :
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }و الأحاديث على ذلك كثيرة .. و نصوص السلف في ذلك منيرة .. و صغر المقام يمنعنا من سردها ..ثانياً : ألا يمكننا الوصول إلى الدليل إلا بالإختلاف ؟ثالثاً : ما قلته أن الخلاف رحمة للأمة !!هذا ليس صواباً بحال من الأحوال ..مع أن هذه اللفظة تنسب للنبي صلى الله عليه وسلم !! إلا أنها بلا سند !! ليس لها سند صحيح أو ضعيف أو موضوع !!! انظر السلسلة الضعيفة ( 1 / 141 )و هذا من أفسد قول يكون ، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا ، و هذا ما لا يقوله مسلم ، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف ، و ليس إلا رحمة أو سخط .
قال الشيخ الألباني في المصدر المذكور :
" و جملة القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن ، لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى : ( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) ، أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه ، و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
و قال :
" و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس ، أفيلحقهم الذم المذكور ؟ .
و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق أولئك شيء من هذا ، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ، و وجهته الحق ، فالمخطئ منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير ، و قد رفع عنهم الإثم في خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم .
و المصيب منهم مأجور أجرين ، و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين و لم يبلغه .
و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص ، لمن ترك التعلق بحبل الله تعالى و هو القرآن ، و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه و قيام الحجة به عليه ، و تعلق بفلان و فلان ، مقلدا عامدا للاختلاف ، داعيا إلى عصبية و حمية الجاهلية ، قاصدا للفرقة ، متحريا في دعواه برد القرآن و السنة إليها ، فإن وافقها النص أخذ به ، و إن خالفها تعلق بجاهليته ، و ترك القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل ، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم ، مقلدين له غيرطالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم ".
و الحق كما قلنا ..
أن هنالك خلاف مقبول مستساغ .. اذا اجتهد فيه المجتهد و أصاب فله أجران و إلا فله أجر واحد !!
فهذ النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أن لهذا الفقيه المجتهد أجر و إن أخطئ !!! فما يقول ذلك الجاهل الذي يسب العلماء و يزهد في كتب الفقه !! النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن مأجوز و إن أخطأ !!! و ذاك الجهول يذمهم !! فمن نصدق ؟! النبي صلى الله عليه وسلم أم ذاك ؟!
و هناك خلاف مذموم مستقبح منهي عنه .. و نحن مأمورون بالقضاء عليه وحسم مادة ..!
هذا و إن الواجب العمل حثيثاً لإنهاء كل صورة من صور الإختلاف و هذا الأمر يكون كما قلنا سابقاً ..
و لله در الإمام أحمد بن حنبل إذ يقول : ( لا أعنف على أحد قال قولاً له وجه و إن خالفناه ) ! فهذه هي قانون الإختلاف أخي ..! قال قولاً له وجه !!
و انصحك بقراءة كتاب ( بدعة التعصب المذهبي ) للشيخ عيد العباسي - سدده الله - وهو كتاب مهم و فريد
بين الموقف الصحيح من مثل هذه الأمور ..
و للحديث بقية .. لكننا نقف هنا لنرى إن كان عند أحد الإخوة تساؤل أو إضافة ...
جزاك الله خيراً أخي تامر على طرحك لهذا الموضوع المهم ..