مَنَابِرُ التَوحِيدِ السَّلَفِيةِ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

4 مشترك

    يزيد بن معاوية بين روايات المغرضين و المنصفين

    avatar
    كريم
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    ذكر عدد الرسائل : 38
    العمر : 41
    الموقع : islamancient.com
    العمل : طالب في الجامعة الأردنية
    sms :


    My SMS
    إذا تقاربت القلوب فلا يضر تباعد الأبدان


    جديد يزيد بن معاوية بين روايات المغرضين و المنصفين

    مُساهمة من طرف كريم الثلاثاء أبريل 15, 2008 5:48 pm


    يزيد بن معاوية بين روايـــات المغرضين والمنصفين
    منقول بتصرف
    تضمنت المصادر التاريخية روايات عديدة حول حوادث معينة أو سير بعض الخلفاء والقادة وغيرهم. وفي الغالب تكون هذه الروايات متناقضة ومتباينة تبعاً لدقة الرواة والمؤرخين القـدماء والمعاصرين وهُداهم وآرائهم. وساهم في ضخامة تلك الروايات اعتماد بعض المؤرخين على ذِكر كل الروايات التي وصـلت إليه بأسانيدها دون مناقشةٍ لصحتها، مكتفياً بذكر سندها وعلى من يأتي بعده تمحيصُ ذلك. يقول الطبري: «فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهة في الصحة ولا معنى في الحقيـقة؛ فليعلم أنه لم يُؤْتَ في ذلك من قِبَلنا، وإنما أوتي من قِبَل بعض ناقليه إلينا، وأنّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدّي إلينا»[1]. (بمعنى أن يعرف حقيقة السند ومدى صدق رواته من عدمه).
    يعد الخليفة يزيد بن معاوية من الشخصيات الإسلامية التي تناقضت الروايات بشأنها، لدرجة يجد معها المتخصص صعوبة في التمييز بينها، وذلك لكثرة التشويه والتضليل الذي أحيطت بها سيرة هذا التابعي والخليفة الأموي. وهذا تقديم موجز حول نشأته.
    نشأته:
    هو يزيد بن معاوية بن صخر (أبي سفيان) ابن حرب بن أمية، والدته ميسون بنت بحدل الكلبي، وُلِد في مدينة دمشق سنة 25هـ عندما كان والده والياً على الشام من قِبَل الخليفة عثمان بن عفان، رضي الله عنه[2]. عاش السنوات الأولى من حياته في البادية مع والدته عند أخواله بني كلب، وقد أرسله والده لأسباب؛ منها ما يتعلق بعدم رغبة زوجته ميسون في العيش في المدينة وعشقها لحياة البادية، ومنها ما يتعلق برغبة الخليفة معاوية في إكساب ابنه الفصاحة وليتعلم من أخلاق البادية والفروسية. وبعد عودة يزيد من عند أخواله؛ اعتنى والده بتربيته عناية فائقة، فخصص له معلماً ومؤدباً يدعى دغفل السدوسي الشيباني، إضافة إلى إشراف والده على تربيته؛ حيث روى يزيد عن والده عدداً من الأحاديث النبوية. كما أن الخليفة معاوية كان كثيرَ السؤال عن سلوك ابنه ومدى إقباله على طلب العلم[3].


    في مجال العلم والفضل عده أبو زرعة الدمشقي من الطبقة التي تلي الصحابة فضلاً، وذكر أن له أحاديث. وقال عنه عبد الله بن عباس لما نهض من مجلس كان قد حضره: «إنْ يذهب بنو حرب يذهب علماء الناس»[4]، كما عده سعيد بن المسيب من خطباء قريش[5]. وفي مجال القيادة، أسند إليه والده قيادة الحملة المتجهة لغزو القسطنطينية في سنة 49هـ، وفي هذه الحملة أظهر يزيد شجاعة وأبلى بلاءً حسناً، حتى إنه لُقِّب بفتى العرب مع أنه لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره. وكان من ضمن أفراد هذا الجيش عدد من الصحابة، مثل: أبي أيوب الأنصاري، وعدد من كبار أبناء الصحـابة، مثـل: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير[6].
    مبايعته بولاية العهد:
    أوردت المصادر روايات عديدة ومختلفة بشأن صاحب فكرة مبايعة يزيد بولاية العهد، وتضمّن بعض منها مغالطات تاريخية وإساءة للصحابي المغيرة بن شعبة؛ فقد أورد الطبري واليعقوبي وغيرهما[7] روايات مفادها أن المغيرة صاحب فكرة مبايعة يزيد بولاية العهد؛ إما للتقرب والتزلُّف لمعاوية، أو لإثارة الفتنة بين المسلمين ولكن عدالة الصحابة مانعة من تصديق مثل هذا الافتراء.
    أهمية يزيد بن معاوية لمنصب الخلافة:
    أشار عدد من المؤرخين قديماً وحديثاً إلى عدم أهلية يزيد بن معاوية؛ وذلك لاتهامهم له بشرب الخمر والمدوامة عليه والجهر به، وترك الصلاة، والاشتغال باللهو والصيد، واتخاذ القيان والغلمان، وقلة العقل، وحبه للتسلية. ويقول المقدسي: «وبايع أهل الشام يزيد بن معاوية على الوفاء بما أخذ له معاوية من بيعتهم، بيعة يزيد بن معاوية عليه اللعنة»[9]، ويقول المسعودي «ولما شمِل الناسَ جوْرُ يزيد وعمّالِه، وما أظهر من شرب الخمور وسيرة فرعون، بل كان فرعون أعدل منه في رعيته» [10]:، ويقول ابن تغري بردي عنه: «كان فاسقاً، قليلَ الدين، مدمناً الخمر»[11]. ويقول: السيوطي عن يزيد «كان يشرب الخمر ويدع الصلاة»[12].
    أما الموقف من هذه الأقوال؛ فيمكن تحديده من خلال تتبع أقوال عدد آخر من الصحابة والتابعين والفقهاء والمؤرخين والباحثين بشأن أهليّة يزيد لمنصب الخلافة. وفي البداية نقف مع قيادته للجيش المتوجه لفتح القسطنطينية، والذي كان يضم عدداً من الصحابة وكبار أبناء الصحابة وكان يزيد إمام المسلمين وخطيبهم في هذه الغزوة التي استمرت أكثر من ثمانية أشهر. ولو لم يكن يزيد أهلاً لذلك؛ فهل سيرضى الصحابة وكبار أبنائهم بإمامة رجل فاسق وتارك للصلاة ومدمن للخمر؟ ثم أين هؤلاء من الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم»[13]؟ وهذا الجيش الذي تولى يزيد ابن معاوية قيادتَه هو أول جيش إسلامي يغزو مدينة قيصر (القسطنطينية)، وهذه منقبة ليزيد بن معاوية ولكل أفراد ذاك الجيش.
    قال له عبد الله ابن الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب: «فداك أبي وأمي، وما قلتُها لأحد من قبلك»[14].
    فلا يمكن أن يصدر مثل هذا الكلام من عبد الله لو كان يزيد سيئ السيرة كما تصفه الروايات السابقة. كما شهد له محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية أمام الثوار من أهل المدينة سنة 63هـ، بعد أن اتهموه في دينه وجرحوا عدالته بقوله: «ما رأيت ما تذكرون، وقد حضرت وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة، ومتحرّياً للخير، يسأل عن الفقه، ملازماً للسنة»[15]، وبايعه ستون من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مثل: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، والنعمان بن بشير، ومسلمة بن عبد الملك، وغيرهم، ولو لم يكن أهلاً للخلافة لما بايعوه.
    وعندما نتحرر من روايات الرواة وأغاليطهم في المصادر التاريخية؛ تتضح لنا حقائق جديدة عن شخصية يزيد وموقـف الصحـابة من خلافته؛ فقد روى الإمام مسلم أن عبـد الله بن عمر جاء إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمْر الحَرَّة ما كان زمن يزيد بن معاوية، فقال: «اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة» فقال: «إني لم آتِك لأجلس؛ أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»[16]. ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ فقد روى البخاري: «لما خلع أهل المدينة يزيدَ بن معاوية؛ جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ينصَب لكل غادر لواءٌ يوم القيامة»، وإنّا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله. وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال. وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه»[17]. وهذا الدفاع الصريح الواضح من الصحابي الجليل الزاهد عبدالله بن عمر؛ لا يدع مجالاً للشك في شرعية بيعة يزيد ابن معاوية.
    ومن أجل تقديم صورة واضحة عن شرعية بيعة يزيد بالخلافة؛ نورد بعض أقوال أهل العلم في صحة بيعته وشرعيتها. يقول أبو سعيد الخدري ناصحاً الحسين بن علي: «اتقِ الله في نفسك، والزم بيتك ولا تخرج على إمامك»[19]، ويقول الحافظ عبد الغني المقدسي: «خلافته صحيحة، بايعه ستون من أصحاب رسول الله؛ منهم ابن عمر».[20] وأطلق عليه كثير من أهل العلم لقب أمير المؤمنين، اعترافاً بشرعية بيعته وأهليته لها. والواقع أن شروط الإمامة الاختيارية التي حددها الفقهاء تنطبق على يزيد بن معاوية؛ حيث بويع بعد مشاورة والده الخليفة معاوية لأهل الحل والعقد، كما بايعه كبار الصحابة في عصره، وشهد له أهل العلم بالفضل والشجاعة والاستقامة.
    إن سيرة الخليفة يزيد بن معاوية لم تكن السيرة المثالية كمن سبقه من الخلفاء من الصحابة رضوان الله عليهم، غير أن سيرته لم تكن سيئة أو هزلية كما يزعم بعضهم؛ فلم يكن متهاوناً في أداء واجباته الشرعية، أو مقصراً في حماية حدود الدولة ونشر الإسلام؛ ففي عهده تواصلت حركة الفتوحات الإسلامية؛ فقد تمكن عقبة بن نافع من الوصول لمدينة طنجة في أقصى بلاد المغرب[21]. وفي خراسان، نجح سلم بن زياد من إجبار حاكم خوارزم على دفع الجزية للمسلمين[22].
    وبناء على كل ما سبق؛ فإن الخليـفة يـزيد بن معاويـة لا يقل عن كثير ممن أتى بعده من الخلفاء مقدرة وكفاية، غير أن قِصَر مدة حكمه التي لم تتجاوز ثلاث سنوات وتسعة أشهر، ووقوع بعض الأحداث الخطيرة في عهده، وسوء تصرُّف قادته وقسوتهم التي لم تكن مقبولة حتى من الخليفة يزيد نفسه الذي ثبت نقده ورفضه لها، سواء فيما يتعلق بحادثة كربلاء أو معركة الحرة وحصار مكة. وإن كان يزيد يعذر في ضعف إمكانية الاتصال بقادته وتصرفهم خلاف رغبته ودون توجـيه مـنه؛ غـير أن عدم محاسبته للمتسببين في تلك الأحداث، ولا سـيما عبيد الله بـن زياد الذي لم يقبـل بما عرضه الحسين بن علي لمنع المواجهة بين الطرفين؛ والمتمثل في طلبه الموافقة على واحد من الأمور التالية: السماح له بالخروج لأحد الثغور، أو التوجه لدمشق لمقابلة الخليفة يزيد، أو العودة من حيث أتى؛ غير أن إصرار عبيد الله بن زياد على مبايعته أو الاستسلام دفع بالرواة من الشيعة إلى الافتراء على الخليفة يزيد والتشهير به، على الرغم من أن شيعة الكوفة هم الذين خدعوه ودفعوه للخروج ثم خذلوه وشاركوا في قتله. «وها هم يشعرون بخذلانهم للحسين - رضي الله عنه - بما يقيمونه من طقوس مبتدعة يضربون فيها أنفسهم بالسلاسل والسيوف فيما يسمونه (عاشوراء!)».
    وبعد أن عـرضـنا هـذه الأدلـة التـي تثبت عدم صـحة ما تناقله المؤرخون قديماً وحديثاً من أوصاف شنيعة للخليفة يزيد بن معاوية، نود التنبيه إلى مسألتين:
    الأولى: أن أصل هذه الروايات من وضع بعض الأخباريين الذين حذّر أهل العلم من النقل عنهم، ويأتي في مقدمتهم أبو مخنف المتهم بالكذب والافتراء على الصحابة والتابعين.
    الثانية: أن هذه الروايات نُقِلت دون تمحيص أو تدقيق حتى اشتهرت بين المؤرخين؛ وإلا فهل يعقل أن يحدث في القرن الأول وبحضور جمع من الصحابة والتابعين، أن يجاهر أمير المؤمنين بترك الصلاة وشرب الخمر في الوقت الذي تنطلق قواته غرباً من تونس لتصل إلى مدينة طنجة في أقصى المغرب، ويقف جنده وقادته على شاطئ المحيط الأطلسي متطلعين لشق عباب مياه المحيط لإيصال كلمة الحق لشعوب المعمورة؛ وفي الشرق تنطلق جيوش الإسلام لتصل إلى بلاد ما وراء النهر بالقرب من حدود الصين تضيء الأرض وتملؤها عدلاً؟ وهل يعقل أن يحدث مثل ذلك من رجل رعيّته الصحابة - رضوان الله عليهم - وأبناؤهم والتابعون لهم بإحسان، ولا أحد ينكر مثل ذلك؟
    وأخيراً: أختم كلامي عن سيرة الخليفة يزيد بن معاوية بقولٍ جميلٍ ورأي سديد للقاضي ابن العربي بشأن هذه المسألة؛ حيث يـقول: «وانظـروا بما قابلها ابن عباس وابن عمر، فقابِلوها ولا تكونوا من السفهاء الذين يرسلون ألسنتهم وأقلامهم بما لا فائدة لهم فيه ولا يغني من الله ولا من دنياهم شيئاً عنهم، وانظروا إلى الأئمة الأخيار وفقهاء الأمصار؛ هل أقبلوا على هذه الخرافات وتكلموا في مثل هذه الحماقات؟ بل علِمـوا أنها عصـبيات جـاهلـية وحميـة باطـلة لا تفـيد إلا قطع الحبل بين الخلق وتشتيت الشمل واختلاف الأهواء. وقـد كان ما كان، وقال الأخباريون ما قالوا؛ فإما سكوت، وإما اقتداء بأهل العلم وطرح لسخافات المؤرخين والأدباء. والله يكمل علينا وعليكم النعماء برحمته» [23].
    <hr style="WIDTH: 187.5pt" align=right width=250 SIZE=2>
    [1] تاريخ الطبري، 1/13.
    [2] ابن قتيبة، المعارف، ص 344؛ الكتبي، وافي الوفيات، 4/327.
    [3] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 2/202.
    [4] ابن كثير، البداية والنهاية، 8/228.
    [5] البلاذري، أنساب الأشراف، 5/152.
    [6] الطبري، 2/594؛ خليفة بن خياط، تاريخ خليفة بن خياط، 1/211.
    [7] الطبري، 2/450؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، 2/60.
    [9] البدء بالتاريخ، 8/8.
    [10] مروج الذهب، 3/81.
    [11] النجوم الزاهرة، 1/163.
    [12] تاريخ الخلفاء، 1/209.
    [13] صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، 12/177.
    [14] ابن العربي، ص 240.
    [15] ابن سعد، الطبقات الكبرى، 5/44؛ ابن كثير، البداية، 8/215.
    [16] صحيح مسلم، كتاب الإمارة، 6/241.
    [17] صحيح البخاري، كتاب الفتن، 22/179؛ ابن سعد: الطبقات الكبرى، 5/183.
    [19] العواصم من القواصم، ص 227.
    [20] المصدر نفسه، ص 228.
    [21] الطبري، 2/480.
    [22] المصدر نفسه، 2/482.
    [23] العواصم من القواصم، ص 249.
    محمد
    محمد
    المدير العام
    المدير العام


    ذكر عدد الرسائل : 243
    العمر : 36
    الموقع : القدس
    العمل : طالب في كلية الدعوة و أصول الدين

    جديد رد: يزيد بن معاوية بين روايات المغرضين و المنصفين

    مُساهمة من طرف محمد الثلاثاء أبريل 15, 2008 6:50 pm

    السلامة في الكلام على يزيد ... أنه لا يحب .. ولا يسب ..
    جزاك الله خيراً أخي كريم ..
    الهيثم
    الهيثم
    الإدارة
    الإدارة


    ذكر عدد الرسائل : 238
    العمر : 41
    الموقع : https://d3wa.yoo7.com
    sms :


    My SMS
    قال ابو مسلم الخولاني رحمه الله لأن أرى في المسجد نار لا استطيع اطفائها أحب الي من أن ارى بدعة لا أستطيع تغييرها


    جديد رد: يزيد بن معاوية بين روايات المغرضين و المنصفين

    مُساهمة من طرف الهيثم الثلاثاء أبريل 15, 2008 10:35 pm

    وأما يزيد بن معاوية فالناس فيه طرفان ووسط، وأعدل الأقوال الثلاثة فيه أنه كان ملكا من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات ولم يولد إلا في خلافة عثمان رضي الله عنه، ولم يكن كافرا ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين وفعل ما فعل بأهل الحرة، ولم يكن صاحبا ولا من أولياء الله الصالحين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة، وأما بالنسبة للعنه فالناس فيه ثلاث فرق، فرقة لعنته، وفرقة أحبته، وفرقة لا تسبه ولا تحبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين، وهذا القول الوسط مبني على أنه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه أو بناء على أن الفاسق المعين لا يلعن بخصوصه إما تحريما وإما تنزيها، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمر في قصة عبد الله بن حمار الذي تكرر منه شرب الخمر وجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لعنه بعض الصحابة قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله »وقال صلى الله عليه وسلم: « لعن المؤمن كقتله » متفق عليه. وهذا كما إن نصوص الوعيد عامة في أكل أموال اليتامى والزنا والسرقة فلا يشهد بها على معين بأنه من أصحاب النار لجواز تخلف المقتضى عن المقتضي لمعارض راجح: إما توبته، وإما حسنات، وإما مصائب مكفرة، وإما شفاعة مقبولة، وغير ذلك من المكفرات للذنوب هذا بالنسبة لمنع سبه ولعنته. وأما بالنسبة لترك المحبة فلأنه لم يصدر منه من الأعمال الصالحة ما يوجب محبته، فبقي واحدا من الملوك السلاطين، ومحبة أشخاص هذا النوع ليست مشروعة، ولأنه صدر عنه ما يقتضي فسقه وظلمه في سيرته، وفي أمر الحسين وأمر أهل الحرة.
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

    عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //

    عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //


    [/size]
    محمد
    محمد
    المدير العام
    المدير العام


    ذكر عدد الرسائل : 243
    العمر : 36
    الموقع : القدس
    العمل : طالب في كلية الدعوة و أصول الدين

    جديد رد: يزيد بن معاوية بين روايات المغرضين و المنصفين

    مُساهمة من طرف محمد الثلاثاء أبريل 15, 2008 11:03 pm


    خلاصة الكلام في يزيد
    من هنا
    أبو حمزة السلفي
    أبو حمزة السلفي
    عضو جديد
    عضو جديد


    ذكر عدد الرسائل : 8
    العمر : 39
    sms :


    My SMS
    عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ, فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.


    جديد رد: يزيد بن معاوية بين روايات المغرضين و المنصفين

    مُساهمة من طرف أبو حمزة السلفي الثلاثاء مايو 13, 2008 12:28 am

    جزاكما الله خيرا

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 5:45 am