مَنَابِرُ التَوحِيدِ السَّلَفِيةِ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    الغلو حرمته و خطره

    محمد
    محمد
    المدير العام
    المدير العام


    ذكر عدد الرسائل : 243
    العمر : 36
    الموقع : القدس
    العمل : طالب في كلية الدعوة و أصول الدين

    الغلو حرمته و خطره Empty الغلو حرمته و خطره

    مُساهمة من طرف محمد الأربعاء مايو 07, 2008 12:56 pm

    هذا جزء لطيف مهم من كتاب [ الغلو ومظاهره في الحياة المعاصرة عرض ونقد ] راجعه وقدم له العلامة الجليل أحمد بن يحيى النجمي و فضيلة الدكتور وصي الله بن عباس و هو من تأليف الشيخ الفاضل : علي بن يحيى الحدادي .


    الغلو
    حرمته وخطره



    تعريف الغلو:
    الغلو لغة: مجاوزة الحد، ومنه غلا السعر، وغلا القدر.
    قال ذو الرمة:ويزداد حتى لم نجد ما نزيدها [1]
    وما زال يغلو حب (ميّة) عندنا .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والغلو مجاوزة الحد بأن يزاد الشيء في حمده أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك[2]

    والغلو في الشرع: مجاوزة الحد الشرعي.
    ويقابل الغلو: التقصير.
    وكلاهما مذموم، وخير الأمور الوسط.
    قال مطرف بن عبدالله: الحسنة بين سيئتين.
    وقال الشاعر :
    وأوف ولا تستوف حقك كله *** وصافح فلم يستوف قط كريم
    ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد *** كلا طرفي قصد الأمور ذميم
    وقال آخر :
    عليك بأوساط الأمور فإنها ** نجاة ولا تركب ذلولاً ولا صعبا




    وقيل الغلو:
    مجاوزة الحد بالإفراط أو التفريط، فجعل النصارى عيسى ابن مريم إلهاً غلو، كما أن تفريط اليهود في حقه حتى جعلوه ابن زنا غلو أيضاً وإليه ذهب القرطبي في تفسيره رحمه الله[3]
    حرمة الغلو وخطره:


    دين الإسلام دين وسط بين الإفراط والتفريط، فهو الصراط المستقيم، وقد جاءت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة تأمر بلزوم الطريق الوسط، وتنهى عن الغلو باسم الغلو مباشرة، أو بما يدل عليه كالنهي عن الاعتداء، وعن الطغيان، وعن التنطع، وعن التعمق، وعن التشديد .
    ومن تلك النصوص ما يلي:
    1- يقول تعالى ({يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ } (171) سورة النساء)
    2- ويقول تعالى ({قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} (77) سورة المائدة).
    فهاتان الآيتان فيهما نهي أهل الكتاب عن الغلو في الدين، وكل خطاب موجه لأهل الكتاب في القرآن الكريم بأمر أو نهي فالمقصود به هذه الأمة لأنها هي المخاطبة بهذا الكتاب أصلاً، فإذا نهاهم الله عن الغلو فنحن منهيون عنه من باب أولى.
    وكان عند أهل الكتاب أنواع من الغلو ومنها الغلو في بعض المخلوقين كما غلت النصارى في عيسى وأمه، وكما غلت اليهود في عزير، وفي العجل، وكان عندهم غلو في التعبد وهو عند النصارى حيث ابتدعوا رهبانية ما أنزل الله بها من سلطان. إلى غير ذلك من صور الغلو.
    وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة ستتبع اليهود والنصارى في ضلالتهم حذو القذة بالقذة، فدل على أنه سيقع فيها الغلو كما وقع فيهم وهذا الواقع فنهيهم عن الغلو نهي لنا.
    3- وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (87) سورة المائدة
    4- وقال تعالى {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (112) سورة هود
    هاتان الآيتان يؤخذ منهما النهي عن الغلو لأن الاعتداء هو مجاوزة الحد الشرعي، وهذا معنى الغلو، وكذا الطغيان مجاوزة الحد، فالآيتان تأمران بالاعتدال والتوسط، والاستقامة وتنهيان عن الغلو.

    وأما الأحاديث فمنها:
    1- حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته: "هات التقط لي. فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: بأمثال هؤلاء. بأمثال هؤلاء. وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) رواه النسائي، وابن ماجه [4]واللفظ للنسائي وإسناده صحيح .
    فهذا الحديث من أصرح الأدلة في النهي عن الغلو في الدين كله، فإنه وإن كانت المناسبة النهي عن المبالغة في حصى الجمار إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه بلفظ عام يشمل النهي عن الغلو في كل أبواب الدين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (وقوله : "وإياكم والغلو في الدين" عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقاد والأعمال) [5]

    وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي أهلك من كان قبلنا من الأمم الغلو في الدين، ومما يبينه أن هلاك قوم نوح كان بسبب غلوهم في الصالحين حتى عبدوهم من دون الله، وسبب هلاك اليهود غلوهم في عزير وفي العجل وغلوهم في جانب التفريط حتى قتلوا الأنبياء، وحرفوا الكتب المنزلة، وكان سبب هلاك النصارى غلوهم في عيسى بن مريم وأمه، وابتداعهم شرائع وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان. وسبب هلاك أكثر من هلك من هذه الأمة بسبب الغلو، إما في مسائل الأسماء والصفات[6] ، أو في الصالحين، أو في الحكم على الناس إلى غير ذلك من أسباب الهلاك التي مرجعها إلى الغلو إما في الإفراط وإما في التفريط .

    2- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً. رواه مسلم[7]
    وعند أبي داود (ألا هلك المتنطعون قالها ثلاثاً)[8]
    قال النووي : أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم.[9]
    قلت وقوله (هلك المتنطعون) هو كقوله صلى الله عليه وسلم (إنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) سواء بسواء، كل منهما يصدق الآخر ويؤكده.

    3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) البخاري[10]

    4- وعن عبد الله بن عمرو قال: كنت رجلا مجتهداً فزوجني أبي ثم زارني فقال للمرأة كيف تجدين بعلك؟ فقالت: نعم الرجل من رجل لا ينام ولا يفطر. قال فوقع بي أبي ثم قال: زوجتك امرأة من المسلمين فعضلتها؟! فلم أبال ما قال لي مما أجد من القوة والاجتهاد إلى أن بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لكني أنام وأصلي وأصوم وافطر فنم وصل وأفطر وصم من كل شهر ثلاثة أيام. فقلت يا رسول الله: أنا أقوى من ذلك قال فصم صوم داود صم يوما وأفطر يوما واقرأ القرآن في كل شهر قلت يا رسول الله أنا أقوى من ذلك قال اقرأه في خمس عشرة قلت يا رسول الله أنا أقوى من ذلك قال حصين فذكر لي منصور عن مجاهد أنه بلغ سبعا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك"
    فقال عبد الله : لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن يكون لي مثل أهلي ومالي وأنا اليوم شيخ قد كبرت وضعفت وأكره أن اترك ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه ابن خزيمة[11]
    وفي رواية:(إن لكل عمل شرة وإن لكل شرة فترة فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك) أخرجه ابن حبان[12]، وإسناده صحيح وله شواهد عن جمع من الصحابة. وفي رواية: ( تلك ضراوة الإسلام وشرته ولكل ضراوة شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى اقتصاد وسنة فلأم ما [13] هو ومن كانت فترته إلى المعاصي فذلك الهالك) رواه أحمد[14]

    5- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لهذا القرآن شرة وللناس عنه فترة فمن كانت فترته إلى القصد فنعما هي ومن كانت فترته إلى الإعراض فأولئك هم بور) رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب، ورواه ابن حبان وأبو يعلى [15] .
    وقوله (شرة) الشرة : بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء أي حرصا على الشيء ونشاطاً ورغبة في الخير أو الشر.
    وقوله (لكل شرة فترة) الفترة بفتح الفاء وسكون التاء أي وهنا وضعفاً، أي من سلك طريق التوسط والاعتدال نجا وأفلح لأنه يمكنه الدوام على ما ابتدأ من العمل ، ومن غلا واشتد أولاً ثم فرط و أعرض أو أفرط فجاوز الحد الشرعي فقد هلك.
    6- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى فاعمل عمل امرىء يظن أن لن يموت أبدا واحذر حذرا يخشى أن يموت غدا) رواه البيهقي [16] وسنده ضعيف لكن قوله (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق) حسن بشواهده .

    7- وعن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) رواه البيهقي، والخطيب في شرف أصحاب الحديث واللفظ له، وأخرج عن أحمد تصحيحه، وصحح الحافظ العلائي بعض طرقه [17] .

    8- وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم، و كل غال مارق) رواه الطبراني في الكبير والأوسط وقال المنذري، والهيثمي: رجاله ثقات أي رجال المعجم الكبير وحسنه الألباني، وله شاهد من حديث معقل بن يسار عند الطبراني وابن أبي عاصم في السنة [18] .




    الهامش : .........................................


    [1] - انظر لسان العرب (15/134) مادة (غلا).
    [2] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/328).
    [3] - انظر الجامع لأحكام القرآن (6/21).
    [4]- سنن النسائي الكبرى(2/ 435ح 4049) ، سنن ابن ماجه (2/1008ح 3029)
    [5] - اقتضاء الصراط المستقيم (1/328).
    [6] - من الفرق من غلا في الإثبات حتى شبه الله بالخلق، ومنهم من غلا في التنزيه حتى نفى عن الله ما وصف به نفسه ووصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم .
    [7]- صحيح مسلم (4/2055ح2670)
    [8]- سنن أبي داود (5/193ح 4600).
    [9]- شرح النووي على صحيح مسلم (16/220).
    [10]- صحيح البخاري (1/23ح39).
    [11]- صحيح ابن خزيمة (3/293ح1105)
    [12]- صحيح ابن حبان (1/187ح11).
    [13] - فلأم ما : قال السندي: الظاهر أن الأم بضم الهمزة وتشديد الميم بمعنى الأصل وما للإبهام قصد به إفادة التعظيم أي فهو إلى أصل عظيم رجع، وقيل بفتح الهمزة بمعنى قصد الطريق المستقيم.
    [14]- مسند أحمد بن حنبل (2/165ح6539).
    [15] - سنن الترمذي ح 2455 صحيح ابن حبان ح343 مسند أبي يعلى (11/434ح 6557).
    [16]- سنن البيهقي الكبرى (3/19)
    [17] - سنن البيهقي (10/209). شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص (29). وقول العلائي نقله العلامة الألباني في مشكاة المصابيح (1/83ح 248).
    [18] - المعجم الكبير (8/378ح8079). المعجم الأوسط (1/200ح640) الترغيب والترهيب (3/138ح3401). مجمع الزوائد (5/235) السلسلة الصحيحة ح (471).

    الهيثم
    الهيثم
    الإدارة
    الإدارة


    ذكر عدد الرسائل : 238
    العمر : 41
    الموقع : https://d3wa.yoo7.com
    sms :


    My SMS
    قال ابو مسلم الخولاني رحمه الله لأن أرى في المسجد نار لا استطيع اطفائها أحب الي من أن ارى بدعة لا أستطيع تغييرها


    الغلو حرمته و خطره Empty رد: الغلو حرمته و خطره

    مُساهمة من طرف الهيثم الأربعاء مايو 07, 2008 1:11 pm

    سلام

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 5:45 am